القائمة

سامي الجميّل يكسر “التابو”: الديمغرافيا جوهر الأزمة اللبنانية

في بلد اعتاد التهرب من القضايا الجوهرية، خرج رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ليكسر أحد أكبر المحرمات السياسية: ملف الديمغرافيا. ففي مقابلة لافتة، طرح الجميّل سؤالًا مباشرًا وشجاعًا:” هل ستبقى مشكلة الديمغرافيا تابو؟”، مشيرًا إلى أن الخلل الديمغرافي بين الطوائف هو أصل الأزمة اللبنانية ومصدر توترات لا يتم التصريح بها.

ما ميّز كلام الجميّل لم يكن فقط تشخيصه الصريح، بل دعوته الواضحة إلى مصارحة وطنية شاملة تفتح كل الملفات بلا مواربة: من قانون الانتخابات، إلى النظام السياسي، إلى علاقة الطوائف ببعضها البعض، وصولًا إلى الخوف والتخوين المتبادل الذي يدفع الجميع للاستقواء بالخارج.

وشدّد الجميّل على أن أي بحث في تعديل النظام السياسي يجب أن يسبقه نزع سلاح حزب الله، لأن بقاء السلاح في يد فريق واحد يلغي أي إمكانية لحوار متكافئ أو تطوير حقيقي في شكل الدولة. فبلا سيادة كاملة وسلطة موحّدة، تبقى كل محاولات الإصلاح شكلية أو مشروطة بالتوازنات المفروضة بقوة السلاح.

الجميّل رفض الانجرار إلى منطق الأكثرية والأقلية، مشددًا أن “في المجتمعات التعددية لا يمكن اعتماد لغة الأرقام”، ومؤكدًا فشل النظام المركزي الحالي. فبحسبه، لا يمكن الحديث عن حلول جدّية دون إعادة النظر بالصيغة السياسية برمّتها، مع الاعتراف المتبادل ووقف الكذب المتبادل.

الأهم أن الجميّل لم يتهرّب من واحدة من أعقد الحقائق: أن شعور التهميش داخل الطائفة الشيعية سهّل على إيران اختراقها، واستغلالها سياسيًا وثقافيًا، في ظل غياب مشروع لبناني جامع.

في بلد يقوم على التوازنات الهشّة، قد يكون كلام الجميّل من أكثر الخطابات جرأة وشفافية. فكأنّه قال ما يفكّر فيه كثيرون، لكن لا يجرؤون على الجهر به.

-نعيم القصيفي

– إعلان –
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *