تشير آخر التقديرات إلى وجود ما يقارب مليون وأربعمائة ألف نازح سوري في لبنان حتى اليوم. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، عاد من لبنان إلى سوريا نحو 238 ألف شخص، في حين دخل البلاد 107 آلاف آخرون نتيجة التطورات الأمنية الأخيرة في الساحل والسويداء. وبحسب استبيان أجرته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في كانون الثاني/يناير 2025، فإن 25% من السوريين في لبنان أبدوا رغبتهم في العودة إلى بلادهم، مقارنة بنسبة لم تتجاوز 2% فقط في العام الماضي، ما يعكس تبدلاً لافتاً في المزاج العام تجاه خيار العودة.
وفي السياق ذاته، سجّل 114 ألف مواطن سوري أسماءهم في برنامج العودة الطوعية الذي أطلقته الحكومة اللبنانية مؤخراً، وهو برنامج يكتسب زخماً متزايداً نظراً لأنه يتضمن حوافز مالية للعائدين، ما يجعله نقطة فاصلة في إدارة ملف النزوح. تأتي هذه الخطة في ظل واقع اجتماعي واقتصادي ضاغط، إذ يعيش نحو 90% من العائلات السورية في لبنان تحت خط الفقر المدقع، فيما يفتقد 80% من السوريين إلى أوراق الإقامة القانونية.
إن هذه الأرقام مجتمعة تعكس حجم التعقيد في الملف السوري داخل لبنان، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام مقاربة جديدة قد تشكل حلاً عملياً وطبيعياً لمسألة العودة، خصوصاً أن التوجهات الدولية والإقليمية بعد المتغيرات الأخيرة في سوريا تبدو أكثر استعداداً لدعم مثل هذه الخطوات.

