القائمة

حزب الله يشرح لنا السيادة بطريقته.. هزلت!

يستفحلون في لغة البيان، فيُعيد حزب الله إنتاج المشهد نفسه: خطابٌ وطني من المضمون، لكنه عمليًا خريطة عودة إلى زمنٍ كانت فيه قواعد اللعبة تُحسم خارج المؤسسات. واللافت هذه المرّة أن البيان لم يعد يكتفي بمطالبة أو تبرير؛ بل قدّم لنا تفسيراتٍ خاصة به للدستور، وللقوانين الوطنية، وللاتفاقات الدولية تفسيرات تُعيد تعريف مفهوم السيادة بتحميلها الحزب وحده أحقية تقرير ما هو مسموح للدولة وما هو حق له.

في كتابكم الأخير وجّهتم للدولة والشعب تفسيرات تبدو وكأنها قانونٌ موازي: وقف إطلاق النار وقرار 1701 بحسب حساباتكم يصبحان محدودين بجغرافيا تختارونها، ولا علاقة لكم بنصوص الاتفاق. هذا الادعاء يتجاهل نصوص الاتفاق والمرجعيات الدولية والقانون اللبناني المرعي. عندما تُصرّون أن نطاق التنفيذ هو جنوب الليطاني فقط وأن غير ذلك مسموح لكم أو محرّم على الدولة، فأنتم لا تفسّرون القانون، بل تقرأونه بإصبعٍ واحد: إصبعكم.

تعودون لتربطوا بين “الدور المؤسس” لمكوّن طائفي والحقّ في حمل السلاح، كأنما السلم الداخلي مرهون بصلاحيةٍ موروثة تسبق الدستور. هذه الخطيئة مزدوجة: هي اختزال تاريخ طائفة كاملة في قرارٍ سياسي وحصري، ومحاولة لفرض معيار ميثاقي يفوق نصوص الدستور والقوانين، ويجعل من امتلاك السلاح حقًا شرعيًا لا مدار للنقاش حوله. أيّ وطن هذا الذي يُبنى على معادلة: أن تحمل السلاح شرط وحدة البلاد؟

تزعمون أن التفاوض فخّ يهدد الوجود اللبناني، بينما أنتم أنفسكم مارستم مرارًا لغة الأمر الواقع التي تقود إلى تفاوض واقعي تؤثّر نتائجه على مصير البلد. ثمّ كيف تسمحون لأنفسكم أن تمنعوا عن رئيس الجمهورية الحامل للصفة الدستورية في اتخاذ قرار التفاوض أو عدمه أن يقوم بواجبه، وتصفون أي محاولة للتفاوض بأنها “فخ”؟

الحجّة أن «الاستراتيجية الدفاعية» هي الإطار الوحيد لحل موضوع السلاح شمال الليطاني تبدو شعارًا لا بديل عنه، لكن تحويل الاستراتيجية إلى حصنٍ يمنع تطبيق القوانين وتفعيل مؤسسات الدولة هو استثمارٌ سياسي للمصالح الخاصة. الأمن الوطني لا يبنى على امتلاك ميليشيا موازية، بل على جيش دستوري واحد، وعلى توافق وطني حقيقي لا يُستعار بالبيانات أو يُحتكر بالأسلحة.

خلاصة القول: اجعلوا مصلحة لبنان والطائفة الشيعية فوق الحسابات العابرة للحدود. إذا كنتم فعلاً مكوّنًا مؤسسًا، فكونوا كذلك بأفعال تدعم الدولة، لا بتفسيرات تُضعفها. إنّ الخيار اليوم واضح: إما أن تُعاد للشرعية مؤسساتها، أو يزداد الانقسام عمقًا.

-نعيم القصيفي

– إعلان –
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *