بثبات وجرأة يمضي الجيش في مسار تنفيذ خطة نزع السلاح جنوب الليطاني من دون ان تتأثر ديناميكية عمله في الميدان بالـ”الثرثرات” السياسية وما يسعى بعض الداخل او الخارج لجره اليه. لطالما كان الجيش الصامت الأكبر في مجمل الاستحقاقات والتحديات التي واجهها لبنان في تاريخه المعاصر، ينفذ ما تطلبه السلطة السياسية ولا يعلن عما يعتبره واجبه الوطني.
ولعل أخطر ما يواجهه راهناً هو موجة اتهامه اسرائيلياً بـ”التواطؤ” والتشكيك بعمله من جهة وعدم سحب السلاح بكامله وتلبية ما تطلبه اسرائيل لجهة تفتيش الاماكن التي تحدد اسرائيل وجود مخازن اسلحة فيها، كما حصل منذ ايام في بلدة يانوح وقبله في الضاحية الجنوبية، من جهة ثانية. اما رد القيادة فجاء عبر معاينة على ارض الواقع مُثبتة العكس وفق مقولة “بالافعال لا بالأقوال”. وبعد جولة نظمتها للإعلاميين منذ نحو اسبوعين في منطقة جنوب الليطاني اعلن خلالها قائد القطاع عن معالجة 177 نفقاً منذ بدء تطبيق خطة “درع الوطن” الهادفة إلى حصرية السلاح، واغلاق 11 معبراً على مجر نهر الليطاني، وضبط 566 راجمة صواريخ، عارضاً بالتفاصيل أمام وسائل الإعلام للمرة الأولى تطبيق خطة الجيش، وثبوت عدم دخول أي سلاح إلى المنطقة، بعد هذه الجولة، نظم الجيش جولة لوفد من السفراء والملحقين العسكريين العرب و الأجانب بمعية قائد الجيش العماد رودولف هيكل صباح اليوم، انطلقت من ثكنة بنوا بركات في صور، باتجاه قرى القطاع الغربي، لا سيما عيتا الشعب ووادي زبقين، للاطلاع على ما أنجزه وينجزه الجيش، لناحية حصر السلاح،على أن تشمل الجولة منشأة لحزب الله في وادي زبقين ومركزاً للجيش اللبناني.
حصيلة الجولتين سيحملهما في جعبته الى باريس قائد الجيش يوم الأربعاء المقبل، حينما يشارك في الاجتماع الرباعي الاميركي السعودي اللبناني الفرنسي المخصص للبحث في ملف لبنان، وحصر السلاح والمساعدات الممكن توفيرها لدعم الجيش والقوى الامنية في المؤتمر المزمع عقده مطلع العام. وتشير مصادر مواكبة الى ان المجتمعين سيطلبون من العماد هيكل ان يحدد مهلة زمنية واضحة لحصر السلاح بيد الدولة جنوب وشمالي الليطاني وفي كل لبنان. وسيطلع المجتمعون على تقرير سيقدمه هيكل بحاجات الجيش لتنفيذ المهام الموكلة اليه. وقد يشارك في الاجتماع مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء رائد عبدالله، ذلك ان فرنسا ابدت رغبة في تعزيزومساعدة قوى الامن لمساعدة الجيش في المهام الامنية. على ان يعقد هيكل اجتماعات مع وزير الدفاع وكبارالمسؤولين في القيادة الفرنسية لوضع تقرير مفصل عن حاجات الجيش.
وتتوقع المصادر ان تكثف القيادة غداة اجتماع باريس خطواتها الهادفة الى تنفيذ قرار الحكومة بحصرية السلاح او احتوائه، لا فرق ما دامت النتيجة نفسها، خلافا لما يعلنه حزب الله وامينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي تعتبر خطابه شعبوياً لرفع معنويات بيئته ليس إلا.
وفي معرض ردها على مصير سلاح الحزب بعد انتهاء الخطة المرسومة وما اذا كان سيُتلف او يرسل الى ايران او يحتفظ به الجيش ، تقول المصادر لـ”المركزية”، مبكر الحديث عن هذا السؤال راهناً ، الا ان التوقعات تنحو في اتجاه تلفه بحسب ما تريد واشنطن ، كونه اولاً لا يتماشى مع سلاح الجيش اللبناني الغربي المنشأ، في حين ان سلاح الحزب شرقي ، وخشية ارساله الى احد اذرع ايران في العراق كالحشد الشعبي او اليمن للحوثيين. المهم، تضيف المصادر ، الا يبقى في لبنان مخافة استخدامه من الحزب لاحقاً في ما لو طرأ طارئ. وبحسب التقديرات، يمكن ان ان تلعب سوريا دوراً في هذا المجال من دون الكشف عن طبيعة هذا الدور الذي تؤكد حصوله في الوقت المناسب . ولا تستبعد ان تستعيد سوريا- الشرع السلاح الايراني واستخدامه لانه يتلاءم مع هوية السلاح السوري، على ان يتولى النظام السوري الجديد في المقابل مهمة ضبط الحدود من جانبه تمهيدا لترسيمها .
وفي السياق، تكشف اوساط دبلوماسية عن محادثات سرية يجريها مسؤولون من النظام السوري مع مسؤولين من حزب الله في تركيا ، من دون ان تكشف عن ملفات البحث بعدما سبق للشرع ان قال انه لن يتعقب عناصر حزب الله لما فعلوه في سوريا ضد المقاومة السورية واكتفى بإبعاد عناصر الحزب من سوريا الى لبنان.
-وكالة الأنباء المركزية – نجوى ابي حيدر

