ينعقد مجلس الوزراء اليوم على وقع اختبارٍ وطني حقيقي، لا يحتمل المراوغة ولا التسويف. فالبند المتعلّق باقتراع اللبنانيين غير المقيمين ليس تفصيلاً إجرائيًا، بل قضية ميثاقية تمسّ جوهر المساواة بين المواطنين وحقهم الدستوري في المشاركة الكاملة بالحياة السياسية.
لقد آن الأوان أن تحسم الحكومة موقفها: إمّا أن تكون سلطة تنفيذية تحترم الدستور وتؤمن بلبنان الواحد، المقيم والمغترب، أو مجرّد لجنة تصريف أعمال تُخضع القرارات لحساباتٍ فئوية واعتباراتٍ انتخابية ضيقة.
حقّ المغتربين بالاقتراع للـ 128 نائبًا، كما المقيمين، هو حقّ مقدّس لا يخضع للمقايضة أو التأجيل. كل تلك المحاولات المتكررة لتجزئة التمثيل أو تأجيل البتّ بالقانون ليست سوى محاولات مقنّعة لإقصاء نصف الوطن عن صندوق الاقتراع.
لقد أثبت اللبنانيون المنتشرون في العالم أنّهم أكثر التزامًا بوطنهم من كثيرين ممّن يعيشون فيه. هم الذين يمدّونه بالمال، بالنجاحات، وبالوجه الحضاري، بينما الدولة تقابلهم بإنكارٍ مستمرّ لحقهم السياسي.
إنّ الحكومة اليوم أمام مسؤولية تاريخية:
فإمّا أن تُرسل مشروع القانون إلى مجلس النواب ليُكرّس المبدأ الدستوري بالمساواة الكاملة في الاقتراع، وإمّا أن تسجّل على نفسها تهمة المشاركة في التمييز ضدّ اللبنانيين المنتشرين، وخرق واضح لجوهر الديمقراطية.
إنّ أيّ تردّدٍ أو مماطلة في هذا الملف سيكون دليل ضعفٍ سياسي وتواطؤٍ مكشوفٍ مع قوى تسعى لحصر القرار بداخل الحدود، في حين أنّ لبنان الحقيقي بات موزّعًا على القارات الخمس.
وإذا كانت الحكومة صادقة في نياتها الإصلاحية، فعليها أن تُبرهن ذلك بالفعل لا بالشعارات والاختبار يبدأ من هنا.
-نعيم القصيفي

