القائمة

الشرع في السعودية لرسم نموذج اقتصاد سوريا الجديد

بخطى تعكس الثقة بدوره المستقبلي كرئيس لدولة سوريا وصل أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية في زيارة تحمل عنواناً استثمارياً إقتصادياً”. وهذا أقصى ما تحتاج إليه سوريا اليوم كخطوة أولى للنهوض من واقعها وما يأمل منه الشرع من هذه الزيارة التي سيلتقي خلالها ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان .

أهمية الزيارة تكمن في أنها تتزامن مع انعقاد النسخة التاسعة من مؤتمر”مبادرة مستقبل الإستثمار” الذي يعقد في الرياض حيث سيلقي الشرع كلمة أمام أكثر من 8 آلاف مشارك، و650 متحدثا بارزا بهدف استثمار الإمكانات التقنية والاقتصادية في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للإنسانية.

أبعاد زيارة الشرع الثالثة إلى السعودية بعد الأولى في شباط الماضي لها دلالات عميقة خصوصا أنها تأتي بعد الأولى التي جاء توقيتها عقب سقوط نظام الأسد والثانية في أيار حيث التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكان لهذا اللقاء أبعاد في فتح قنوات سياسية وإقتصادية بين السعودية وسوريا وابقاء دمشق ورقة في يد المملكة لمنع اسرائيل من الامساك بها خصوصا بعد اتفاق غزة. ولهذه الزيارة أهمية كبيرة للجانب السوري الذي يبحث عن إنعاش الاقتصاد الذي يعاني من أزمات عميقة. وما يعزز من النتائج المرتقبة الدعم السعودي للإدارة السورية الجديدة، حيث عملت المملكة على إقناع الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال العقود الفائتة، وهو ما أسهم إلى حد بعيد في بدء مسار تعافٍ سياسي واقتصادي ينتظر السوريون قطف ثماره في المدى متوسط.

إنطلاقا من ذلك، ترى مصادر مراقبة أن توجه أنظار العالم نحو زيارة الشرع إلى السعودية وسط التطورات الإقليمية التي تحصل في المنطقة ليست مجرد عنوان أو شعار إذ من شأن هذه الزيارة أن تُحدث تبدلاً في العلاقات الإقليمية وتعزيز التعاون الثنائي في الأجندة السياسية والأهداف الاستراتيجية. أما في الشأن الإقتصادي فستستكمل النقاشات التي بدأها الطرفان السعودي والسوري خلال الزيارة الثانية وتتمحور حول الشؤون الإنسانية والإقتصادية إضافة إلى الخطط المستقبلية التي طرحت للتعاون في مجالات الطاقة والتعليم والصحة.

في الشأن الاستراتيجي تؤكد المصادر لـ”المركزية” أن الطريق التي عبّدها ترامب أمام الرئيس السوري خلال الزيارة الثانية إلى الرياض بدأت تظهر تباعاً. فإلى العنوان الإقتصادي الرئيسي للزيارة ثمة رسائل سياسية موجهة أولاً إلى تركيا للحد من الدور التركي في سوريا ودرء الإعتداءات الإسرائيلية. وتضيف المصادر أن توجه سوريا نحو المملكة العربية السعودية هو الخيار الأمثل على الصعيدين الاستراتيجي والاقتصادي كونها تؤمن منصة آمنة وموثوقة لعملية الإنتقال في سوريا، إضافة إلى خلق توازن إقليمي حول سوريا يشمل كل القوى المتنافسة على أراضيها.

إلا أن المعضلة الأساسية تتمثل في الأزمة الإقتصادية التي تواجهها سوريا لجهة انهيار البنى التحتية وخروج الطاقات الإستثمارية .وهذا يحتاج بحسب المصادر إلى إعادة رسم النموذج الإقتصادي السوري من جديد بما فيه القضاء التجاري والقوانين التي ترسم معالم الإقتصاد. ولا ننسى أن الاتفاقات التي وقعها الشرع مع المملكة العربية السعودية في الزيارة السابقة تسمح بشكل جدي في تأمين إطار أولّي لطمأنة اصحاب رؤوس الأموال الذين يرغبون في العودة إلى سوريا للإستثمار. إلا أن المعوقات مرتبطة بطريقة استعادة الدولة كفاءاتها البشرية في مختلف المجالات القانونية والإدارية والبيروقراطية وتحديد النموذج السوري بعيدا من دور النموذج الذي كان معتمدا خلال نظام الأسد والذي يعتمد على تدخل الدولة في الدور الإقتصادي والواضح أنه لا يزال موجودا وعلى مستوى كبير.

من هنا، تعتبر المصادر أن الخطوة الأولى تقوم على اعتماد سياسة إعادة تعريف المستثمرين على النموذج الإقتصادي السوري الجديد وإطلاق يد رجال الأعمال ومنهم السعوديين في كافة المجالات للإستثمار بما يجدونه مناسبا للحد من نسبة البطالة التي تصل في سوريا اليوم إلى 81 في المئة وهذا يؤشر إلى الضعف في السوق السورية .

وتختم المصادر أن الفرصة اليوم مفتوحة أمام سوريا للنهوض من جديد وتعتبر أن التوجه نحو المملكة العربية السعودية ووضع الشرع يده بيد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هي الفرصة الذهبية لسوريا ليس على المستوى الإقتصادي وحسب إنما الاستراتيجي في ظل الخشية لدى السوريين من أن تتحول سوريا إلى نقطة تقاطع للعنف والمنافسات .من هنا فإن الحل الوحيد اللجوء إلى الظهير العربي “.

-الوكالة المركزية – جوانا فرحات

– إعلان –
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *