القائمة

الكتلة الوطنية… من الغياب إلى استعادة النبض الشبابي

في معركة انتخابية شرسة، استعاد حزب الكتلة الوطنية نفوذه التاريخي في كلية العلوم السياسية بالجامعة اليسوعية (USJ)، حيث تمكن من تحقيق فوز مهم على حساب القوات اللبنانية. هذا الانتصار ليس مجرد نتيجة على لوائح انتخابية، بل تأكيد على قدرة الكتلة الوطنية على الحفاظ على حضورها السياسي في ساحات كانت دومًا مرآة لمكانتها: فهذه الكلية كانت تاريخيًا معقلها وبيئتها الحاضنة.

فالجامعات كانت دائمًا المصهر الذي تنصهر فيه التحوّلات. فيها يُقاس مزاج الجيل الجديد، ومنها تبدأ إشارات التبدّل في المزاج العام. وفي لحظةٍ يخيّل فيها أن السياسة ماتت في عقول الشباب، وأن الأحزاب أصبحت عبئًا أكثر منها مساحةً للنقاش، تأتي الكتلة الوطنية لتكسر هذا الانطباع، وتُعيد الحياة إلى فكرة الانخراط في العمل العام، من خارج الاصطفافات الطائفية والزبائنية التي خنقت لبنان لعقود.

ما يميز هذا الانتصار هو أنه جاء بعد معركة طويلة وصعبة، استلزم فيها حشد كل الجهود والمواجهة المباشرة مع منافس قوي، وهي القوات اللبنانية، مما يمنح هذا الفوز بعده الرمزي والتاريخي. إن استعادة الكتلة الوطنية مكانتها في كلية كانت دومًا معقلها، يعكس القدرة على الصمود ومواجهة الصعوبات، ويؤكد أن الحضور السياسي الحقيقي يبدأ من القاعدة الطلابية المؤثرة وصولًا إلى الفضاء الوطني الأوسع.

لكنّ الأهمّ من الفوز بحدّ ذاته، هو ما بعده.
هل تنجح الكتلة في تحويل هذا الزخم إلى حركةٍ منظّمةٍ ومستمرّة داخل الجامعات؟ هل تُحسن ترجمة الحماسة الشبابية إلى مشروعٍ سياسيّ متين، يُعيد تموضعها على الساحة الوطنية كقوّة تغييرية فعلية؟

لقد أعادت الكتلة الوطنية شيئًا من الأمل إلى الحياة السياسية اللبنانية. أعادت إلى الواجهة صورة الحزب السياسي، العصري، العابر للطوائف، الذي لا يطلب من مؤيّديه عبادة الزعيم بل المشاركة في القرار.
ومن رحم هذه المبادرة الجامعية، قد تتكوّن نواةُ جيلٍ جديدٍ من المناضلين المؤمنين بأن السياسة ليست عارًا، وأن لبنان يستحقّ مشروعًا وطنيًا نزيهًا يخرج من رحم شبابه.

-نعيم القصيفي

– إعلان –
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *