يتّجه ملف تعديل قانون الانتخابات نحو مواجهة جديدة داخل الحكومة، بعدما وضع حزبا الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أمام خيار واضح: إما إحالة مشروع تعديل المادة المتعلقة بالمقاعد الستة المخصّصة للمغتربين إلى مجلس النواب، أو تحمّل مسؤولية إبقاء القانون على حاله خدمةً لمصلحة من يريد تطيير المهل.
فالمادة التي تخصّص للمغتربين ستة مقاعد نيابية كانت منذ البداية موضع اعتراض واسع، إذ اعتبرها حزب الكتائب انتقاصًا من حق المنتشرين في المشاركة الكاملة في الانتخابات. الحزب نفسه كان أوّل من تقدّم في العام 2018 باقتراح قانون لإلغاء هذه المادة، انطلاقًا من مبدأ المساواة بين اللبنانيين أينما وجدوا.
اليوم، يتكرّر المشهد داخل الحكومة لكن بزخم أكبر. فقد كان وزير العدل، المحسوب على الكتائب، أوّل من سجّل اعتراضًا رسميًا على امتناع نواف سلام عن إحالة مشروع تعديل القانون إلى مجلس النواب، وانسحب من الجلسة احتجاجًا على هذا التجاهل. لم يمرّ وقت طويل حتى بادر وزير الخارجية، المحسوب على القوات اللبنانية، إلى تقديم مشروع قانون جديد لتعديل المادة نفسها وإلغائها نهائيًا، واضعًا الملف رسميًا على طاولة مجلس الوزراء.
بهذه الخطوة، أصبحت الكرة في ملعب نواف سلام. فإحالة المشروع إلى مجلس النواب لا تحتاج إلى توافقات سياسية معقّدة، لكنها خطوة كفيلة بكسر المراوحة التي يتّبعها رئيس المجلس نبيه بري منذ أشهر لتطيير المهل الانتخابية والتمسّك بالمقاعد الستة كذريعة لعدم تعديل القانون.
وبحسب النظام الداخلي للمجلس، فإنّ أي مشروع قانون يُحال من الحكومة يُلزم رئيس المجلس بإدراجه على جدول أعمال أول جلسة يعقدها البرلمان، ما يعني أن سلام يملك مفتاح تحريك الملف بقرار بسيط وواضح.
وعليه، يتحوّل الملف إلى اختبار مزدوج:
هل يُقدم نواف سلام على إحالة المشروع ويفتح باب النقاش في البرلمان؟
وهل سيواصل عندها الرئيس بري تعنته لتعطيل الإصلاح الانتخابي، أم يجد نفسه مضطرًا هذه المرة للتعامل مع أمرٍ واقع؟
في المحصّلة، خطوتا الكتائب والقوات وضعتا الحكومة أمام مسؤولياتها. فلا مجال بعد اليوم لتبرير التأجيل أو الاختباء خلف الحسابات السياسية. إحالة المشروع هي الإجراء الطبيعي والمنطقي، وكل تأخير سيُقرأ كرسالة واضحة بأنّ الحكومة لا تنوي المسّ بقانونٍ فُصّل على قياس المنظومة السابقة.
-نعيم القصيفي