لطالما كان حزب الله أشدّ حزماً وصرامةً في مواجهة الداخل اللبناني منذ نشأته عام 1982، وخلال فترة الإحتلال السوري، وصولاً إلى 7 أيار 2008، القمصان السود وقمع ثورة 17 تشرين عام 2019. ولطالما مارس الحزب ما يسمّيه بالحكمة أو الصبر الإستراتيجي في التعامل مع العدو الإسرائيلي.
لكن مع ركوب الحزب أمواج طوفان الأقصى بقرارٍ إيراني، غرقت الصفوف القيادية الأولى والثانية والثالثة في تراتبية الحزب، وعلى رأسها الأمينين العامين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. لكن من تبقى في إمرة القيادة، الشيخ نعيم قاسم وتياره المُتقلب والمتساهل دخل قيادة الحزب، ووفيق صفا وتياره المُتشدد، بالإضافة إلى قادة ميدانيين ذواة خبرة بسيطة في مجالات القيادة الميدانية والأحداث السياسية.
لذا، قررت هذه القيادة الفتية بتوجهاتها إحياء ذكرى نصرالله في بيروت أمام صخرة الروشة الشهيرة للفت الأنظار ومحاولة “شراء المشكل” من الدولة وأبناء المنطقة الذين غزاهم الحزب في 7 أيار 2008. لكن قلّة الخبرة ظهرت من خلال إدانة الحزب لنفسه بهكذا تصرف صبياني حيث أن بينه وبين الشرعية الآن القضاء وفرض القانون بالقوة، ممّا يُشرّع ويُبرّر عملية فرض الأمن بالقوة وعملية حصر سلاح الميليشيات بيد الدولة.
من جهةٍ أُخرى، عن قصدٍ أو من غير قصد، تباهى الحزب الذي كان يفخر يوماً بترسانته الصاروخية والدفاعية بـ”بروجيكتور ليزر” لإحياء ذكرى أهم شهدائه ومحبوب شعبه السيد حسن نصرالله، فيما أظهر بذلك الفوارق التي لا تقارن مع العدو الإسرائيلي، الذي أدخل إلى الخدمة مؤخراً أنظمة دفاع جوي تعمل بالليزر لمكافحة المسيّرات والمقذوفات. فهل من فكّر جلياً برمزية أفعاله؟ أم أن هذا هو الحجم الطبيعي والحقيقي للميليشيات المتلطية خلق عقيدة دينية متطرفة؟
طارق أبو عزيز