يقف الرئيس نبيه بري، بصفته الشخصية الأقوى في البيئة الشيعية وصاحب الكلمة المسموعة فيها، أمام مسؤولية تاريخية لا يمكن التفريط بها. فهو اليوم ليس مجرد زعيم سياسي، بل الضمانة الأساسية التي يمكن أن تحمي الطائفة الشيعية من حروب جديدة ومغامرات لا طائل منها، ومن عزلة تهدد أبناءها ومستقبلهم.
الخطاب الذي سيلقيه في ذكرى الإمام موسى الصدر سيكون لحظة فاصلة، إذ لا مجال للمناورة: إمّا الولاء للبنان، أو الولاء لإيران ومشروعها. الخياران واضحان، والمسؤولية جسيمة، والوقت ضيّق.
إن تمكين الرئيس بري اليوم ينبع من حقيقة أنّه وحده، بما يحمله من وزن سياسي وتاريخي، قادر على تصويب البوصلة. فهو يعلم أنّ المجتمع الشيعي يضع ثقته فيه، ويرى فيه الضامن لمصالحه العليا. ولذلك، فإنّ أي كلمة أو موقف منه سيكون لهما وقع يحدد مسار المرحلة المقبلة، ليس للطائفة الشيعية فقط بل للبنان كله.
لكن في المقابل، فإنّ ولاءه على المحك. إما أن يعلن بوضوح أنّ انتماء الشيعة هو للبنان ودولته، وأن مصلحتهم الحقيقية تكمن في العيش بسلام مع باقي المكونات، أو أن يترك الطائفة أسيرة مشروع خارجي يستنزفها ويضعها في مواجهة دائمة مع أشقائها ومع المجتمع الدولي. ومن هنا، فإنّ القبول الصريح بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها، هو الاختبار الحقيقي لصدقية أي خيار يتّخذه. فلا دولة بلا سيادة، ولا سيادة مع سلاح خارج شرعية المؤسسات.
إنّ ما ينتظره اللبنانيون، والشيعة قبل غيرهم، هو أن يسمعوا من نبيه بري موقفًا صريحًا: لا للحروب والارتهان، نعم للبنان والدولة. لا للسلاح غير الشرعي، نعم لجيش واحد يحمي الجميع. فالمصلحة العليا للطائفة، كما للبنان كله، هي في أن يقود بري هذه اللحظة التاريخية بشجاعة، فيسجّل أنه الرجل الذي أنقذ طائفته وبلده، لا من أضاعهما في آخر لحظة.
المصدر : Transparency News