في لحظة فارقة طال انتظارها، وقّع وزير العدل عادل نصّار اليوم التشكيلات القضائية كما وردت إليه من مجلس القضاء الأعلى، من دون أي تعديل أو تدخل، في سابقة هي الأولى منذ أكثر من ثماني سنوات. هذه الخطوة، التي كانت محط ترقّب القضاة والمحامين والمواطنين المعنيين، أعادت الاعتبار إلى استقلالية السلطة القضائية، وأكدت أن الإرادة السياسية اليوم تختلف عن سنوات العرقلة والمماطلة.
لأعوام، تعطّلت التشكيلات القضائية بسبب إصرار الوزراء السابقين على إدخال التعديلات عليها وفقًا لاعتبارات سياسية ومحاصصاتية، ما أفقدها مضمونها المؤسساتي وكرّس واقعًا مشوّهًا للعدالة. أما اليوم، فقد جاءت الخطوة لتكسر هذا النمط، وتعكس قرارًا واضحًا من وزير العدل الحالي بإعادة الأمور إلى نصابها الدستوري والمؤسساتي، بعيدًا عن منطق التدخّل والهيمنة.
ما يُحسب لوزير العدل أنه التقط اللحظة وأدّى واجبه تجاه القضاء من دون مماطلة، واضعًا مصلحة الدولة فوق كل اعتبار. وتوقيع التشكيلات من دون أي تعديل يعكس تطبيقًا حقيقيًا لخطاب القسم لرئيس الجمهورية الداعم لاستقلال القضاء وفصل السلطات.
إن هذه الخطوة لا تعني فقط ملء الشواغر وإعادة توزيع المهام في السلك القضائي، بل تحمل في طيّاتها إشارة إلى بداية تصحيح المسار القضائي، وإلى نية واضحة بإعادة الثقة بهذه السلطة، التي لطالما كانت الركيزة الأساسية لأي بناء إصلاحي أو مكافحة فساد.
اليوم، يمكن القول إن القضاء اللبناني استعاد شيئًا من مكانته. ويبقى الأمل بأن تُستكمل هذه الخطوة بخطوات لاحقة، في التشريع والرقابة، لترسيخ دولة القانون والمؤسسات.
-نعيم القصيفي

