القائمة

الحياد ليس خيارًا… بل ضرورة لبقاء الدولة

في ظلّ تصاعد الأزمات وتفاقم التدخلات الخارجية، يعود مطلب حياد لبنان إلى الواجهة كخيار سيادي لا مفرّ منه. فلبنان، الذي طالما شكّل ساحة لصراعات إقليمية ودولية، لم يعد يحتمل كلفة الاصطفافات، وبات بحاجة إلى تثبيت مبدأ الحياد في مقدمة دستوره.

المطالبة بالحياد ليست وليدة اللحظة، بل امتداد للميثاق الوطني عام 1943، الذي دعا إلى الابتعاد عن المحاور الدولية “لا شرق ولا غرب”. غير أن التحديات الراهنة تتطلّب ترجمة هذا المفهوم إلى نص دستوري واضح، يحصّن البلاد من الانزلاق نحو التبعية.

ويؤكد الداعون إلى الحياد أنه لا يعني الانسحاب من القضايا العادلة أو التخلّي عن حق الدفاع عن النفس، بل يشكّل تموضعًا فاعلًا، يحترم القرارات الدولية ويعزّز استقلالية القرار اللبناني.
التجارب السابقة أثبتت أن انخراط لبنان في المحاور لم يجلب إلا الانقسام والخراب، بينما كانت فترات التوازن السياسي النسبي مقرونة بمزيد من الاستقرار والازدهار. ويُطرح الحياد اليوم كفرصة لإعادة لبنان إلى موقع الوسيط لا الضحية.

تجارب دول مثل سويسرا والنمسا تعزز هذا الطرح، وتُظهر كيف يمكن للحياد أن يحمي السيادة ويستقطب الاستثمارات. ومن هذا المنطلق، فإن الحياد ليس فقط خيارًا سياسيًا، بل مدخلًا ضروريًا للتعافي الاقتصادي وبناء دولة متوازنة وقوية.

وكان مبدأ الحياد ورد في “إعلان بعبدا” عام 2012 الذي حظي بإجماع وطني، وكان مطلبًا اساسيًا دعت اليه بكركي في العام 2021 ، ما يعزز مشروعية تحويله إلى التزام دستوري دائم.
في المحصلة، ترسيخ مبدأ الحياد في الدستور لم يعد مجرد مطلب نخبوي، بل ضرورة وجودية للبنان الدولة، الضامن الوحيد لوحدته واستقلاله واستقراره في زمن التحوّلات الكبرى.

-نعيم القصيفي

– إعلان –
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *