يمثل تاريخ 7 أيار في الذاكرة اللبنانية محطتين مفصليتين، تعكسان تحولًا جذريًا في موقع الدولة اللبنانية بين سطوة السلاح وسيادة المؤسسات.
في 7 أيار 2008، شهد لبنان واحدة من أخطر لحظات الانقسام الوطني، حين استخدم حزب الله سلاحه في الداخل، مجتاحًا بيروت ومناطق في الجبل، ردًا على قرارات حكومية تطال بنيته الأمنية.
هذا اليوم طُبع في الوجدان اللبناني على أنه إعلان هيمنة الحزب على القرار الوطني، وترسيخ منطق “الدولة داخل الدولة”، حيث تراجع دور الدولة الشرعية أمام قوة الأمر الواقع، دخل لبنان بعدها في سلسلة تسويات كرّست النفوذ الإيراني وأفقدته علاقاته الطبيعية مع محيطه العربي، لا سيما الدول الخليجية.
في 7 أيار 2008، دخل حزب الله بيروت بالسلاح، لا بالسياسة، وباسم “المقاومة” غزا شوارع العاصمة كأنها عاصمة عدو، لا بلد يفترض أنه جزء منه، أطلق رجاله النار على الناس لا على العدو، ورفع شعار “لا صوت يعلو فوق صوت الميليشيا”.
لكن ما لم يفهمه الحزب، هو أن الهيمنة بالسلاح لا تدوم، والمقاومة الحقيقية لا تُمارس ضد المواطنين.
لذلك 7 أيار 2025، يحمل دلالة معاكسة، ففي ظل عهد جديد، بدا واضحًا أن الدولة اللبنانية تسعى لاستعادة سيادتها ومكانتها، تحركات رئاسية ودبلوماسية متتالية أعادت وصل ما انقطع مع العواصم الخليجية، وفتحت أبواب الدعم الاقتصادي والاستثماري من جديد، هذه المرحلة تُمثّل بداية تفكك منظومة الهيمنة التي بناها حزب الله طوال العقدين الماضيين، حيث تتقدم الدولة مجددًا على منطق الميليشيا، وتُفتح نافذة أمل أمام اللبنانيين بإمكانية بناء دولة مدنية ذات سيادة فعلية.
بين هذين التاريخين، تتبدل الأدوار، ويتضح أن لبنان لا يُختزل بسلاح فئة، بل يُبنى بإرادة شعب ودولة،
وفيما يبقى السابع من أيار ذكرى مؤلمة، قد يتحول السابع من أيار الجديد إلى علامة على بداية استعادة لبنان لمكانته الطبيعية عربيًا ودوليًا.
يارا الحاج

