لا تُوصف فرحة اللبنانيين بعد انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية، إذ جاء هذا الحدث ليعيد لهم الأمل برئيس “حلم” يُحيي آمالهم، على غرار الرئيس الشهيد بشير الجميّل.
ولتكتمل الفرحة، تم تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة العهد الأولى، بفضل جهود قوى المعارضة مجتمعة.
يُعد هذا المشهد فرصة جديدة أمام لبنان لانتشاله من الأزمات التي يرزح تحتها منذ سنوات، بالإضافة إلى الحرب التي دمرت جنوبه، وعاصمته، وبقاعه. ولا يمكن للبنان المضي في إعادة الإعمار إلا من خلال دعم دولي حقيقي للدولة اللبنانية.
الجميع يدرك أن الثقة بالدولة اللبنانية لن تُستعاد، ولن تنطلق عملية إعادة الإعمار، قبل تحريرها من هيمنة إيران. لذلك، يُعتبر انتخاب جوزاف عون وتكليف نواف سلام خطوة أولى نحو رسم خارطة لبنان الجديد: السيد، الحر، والمستقل.
العهد الجديد، المنتظر منه إعادة العافية للبنان، يتطلب أولًا تشكيل حكومة قادرة على التواصل مع المجتمع الدولي وفرض سلطتها على كامل أراضي الجمهورية، وهذه الخطوات ستجلب الاستثمارات والدعم لإعادة الإعمار من الدول الصديقة.
اليوم، تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا يكمن في عملية توزيع الحقائب الوزارية، والسؤال المطروح: هل ستدار هذه العملية وفق النهج السابق الذي اتسم بالمحاصصة وابتكار أعراف جديدة تخدم مصالح فئوية؟ ومن بين هذه الأعراف، إسناد وزارة المالية إلى “الثنائي الشيعي” ووزارة الطاقة إلى “التيار الوطني الحر”.
إن احتكار وزارتي المالية والطاقة من قبل هذين الفريقين، اللذين أغرقا لبنان في أزمة مالية وعتمة شاملة، بالإضافة إلى هدر مليارات الدولارات، يستوجب تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب. كما أنه لا يجوز للرئيسين الخضوع لابتزازات “الثنائي الشيعي” أو الرضوخ أمام تهديداتهم للحصول على وزارة المالية (التوقيع الثالث) وتكريس المثالثة كعرفٍ دائم. لقد ولّى زمن التهديدات، وعلى الجميع إدراك هذا، وإن منطق احتكار تمثيل طائفة بجهة واحدة مرفوض تمامًا.
العهد أمام منعطف خطير قد يُهدد بتدمير كل ما تحقق منذ التاسع من كانون الأول حتى اليوم. لذا، يجب على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التيقظ لمكائد “ثنائي التعطيل”، لتجنب إضاعة الفرصة التاريخية المتاحة اليوم لتعافي لبنان.
-نعيم القصيفي
